الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا ومولانا محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين، وبعد،
في الجرائد المصرية هذا الأسبوع نُشر تصريح لرامسفيلد وزير الحربية بأمريكا قال فيه: إن المسلمين هم مجموعة من البشر يعيشون عالة على العالم كله من أوله إلى آخره.
وهنا أسأل سؤالا: إذا كنتُ صاحبَ مصنع وأحسستُ أن هناك عمالة زائدة عندى ستكون عالة علىَّ، هل أتخلص منها أم أحتفظ بها ؟ .
النظرة الأمريكية هي : كيف تتخلص أمريكا من المسلمين لأنهم عالة على المجتمع الإنساني؟.
انظر إلى باكستان والهند مثلا : ماذا تصنع باكستان ؟ لا شىء ، ماذا تصنع الهند ؟ تصنع كل شىء.
انظر إلى تايوان وإلى أي دولة إسلامية بجانبها، تجد في أندونيسيا نفس الأمر ، فى تايوان يصنعون كل شىء ، أما أندونيسيا تنتج منتجين أو ثلاثة والباقى تستورده .
مشروع إبادة المسلمين هو مشروع قديم بدأ مع بداية الإسلام حيث كانت المؤامرات من أهل الكتاب من اليهود خاصة ، فتآمروا على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أكثر من مرة لمحاولة قتله.
وبعد أن انتصر الإسلام فى جزيرة العرب وخرج اليهود منها، وانتهت الخلافة الراشدة وآل الملك للدولة الأموية، كان ظنهم أن الدولة الأموية ستقضى على الإسلام، ولكن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كان قد ربى رجالا يصلحون لعدة أجيال ، فلم يتأثروا بفساد الدولة الأموية، بل استمروا فى الجهاد وفتحوا البلاد، وقاموا بالواجب عليهم لأمتهم الإسلامية، حتى أن عصر يزيد بن معاوية - رغم فسقه وفساده وعدم إيمانه لأنه قال : يوم ببدر ويوم بكربلاء لينتقم من أهل بيت سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بسبب مقتل أهله من بني أمية في بدر- ولكن رغم هذا كانت أكثر الفتوحات الإسلامية في السنتين اللتين مكث فيهما يزيد بن معاوية، وذلك لأن الأمة كانت واعية، ومع فساد الحاكم وقتها، كان صلاح الأمة متحققا بصلاح أبنائها .
وانتهت الدولة الأموية، وظهرت الدولة العباسية وانتهت، وتآمر النصارى والأوربيون على الدولة الإسلامية بالحروب الصليبية، وأثناء هذا كله شغلهم ربنا بالدولة العثمانية، وأصبحت الخلافة الإسلامية فى تركيا.
واليوم أمريكا أباحت دماء المسلمين فى أفغانستان وفى العراق وفى فلسطين، وصرحوا في البداية بأنها حرب صليبية، وبعد ذلك قالوا: إننا لا نقصد .
رامسفيلد لو صار يوما رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية، فلا شك أنه سيعمل بكل ما أوتي من قوة على ألاَّ يبقى على وجه الأرض مسلم واحد، والمصيبة أن ذلك ليس فى حسباننا، مثل الذبيحة التى تُعلف لتُذبح وهي لا تعمل لذلك حسابا، فهل هناك فرق بيننا وبين تلك الذبيحة؟!!.
أيجوز لنا أن نُعِدَّ أنفسنا للذبح بيد رامسفيلد أو بوش الأب أو بوش الابن أو أولمرت أو إيهود باراك أو غيرهم من الجزارين الذين يذبحون المسلمين في سلخانة البلاد الإسلامية؟!!.
المهم أن ربنا أظهر لهم في هذه الأيام إيران، وجائز أن الله أظهرها لتقف ضد هذه المذبحة.
هناك أناس أغبياء يتكلمون عن الشيعة ويقولون إنهم غير مسلمين ويخلطون عن جهل بين الشيعة الإمامية وبين النصيريين والعلويين والدروز، وهذا الخلط مرفوض، فإن العلويين أيام الاحتلال الفرنسي لسوريا كانوا يحاربون مع الفرنسيين ضد المسلمين، والدروز أيام حرب 67 كانوا يحاربون مع إسرائيل ضد اللبنانيين والفلسطينيين، فهل يجوز أن نعتبر من يفعل ذلك شيعة أو مسلمين؟.
الدكتور على جمعة لما جاء هنا وألقى محاضرة وتكلم فيها عن الشيعة الإمامية بإيران، قال إن الخلاف بيننا وبينهم لا يتجاوز ال 5 % ، قال هذا الكلام، ولكن مازال عملاء أمريكا وعملاء الاستعمار يروجون أن الشيعة غير مسلمين وأن إيران غير مسلمة!!!.
وأمل هذه الأمة لا يوجد الآن إلا فى إيران، فهي التي يمكن أن تصد أمريكا وتوقفها عند حدها، ولكي يُحرم المسلمون من هذه الفرصة فإن أعداء المسلمين يحاولون بث الكراهية لإيران ويَدْعون إلى محبة أمريكا للأسف الشديد، وهذا ما يحدث فى مجتمعاتنا الإسلامية والعربية فى كل الدول تقريبا.
من جانب آخر فقد كان عندنا في مصر أيام الملكية بحث علمي حقيقى ، وكان هناك علماء كبار جدا يتساوون مع علماء أمريكا وأوربا، مثل د/ مصطفى مشرفة ، د/ جمال نوح ، د/ سميرة القاضى، رحمهم الله جميعا، وأساتذة كبار جدا كانوا موجودين في مصر وكانوا فى غاية التقدم العلمي، فلماذا لا يوجد الآن تقدم علمي ملموس ؟.
قام بعض أساتذة الجامعة بزيارتي فسألتهم عن سبب ذلك فقالوا : لسببين، السبب الأول: أنه كان هناك احتلالا إنجليزيا لمصر، وكان الباشاوات يريدون أن يتخلصوا من الاستعمار الإنجليزي، والبكوات كذلك، والفلاحون كذلك، والعمال، فكان الباشا والبك يدعمون اقتصاد مصر، لدرجة أن إنجلترا لما قامت الثورة كانت مدينة لمصر ب 20 مليون جنيه استرينى، وكان الجنيه المصرى يساوى الجنيه الإسترلينى، وكان الجنيه المصرى يساوى حوالي 5 دولار، لقد كان الناس يعملون لبناء هذا البلد لأنهم يحسون بخطر العدو أمامهم .
السبب الثانى : كان الولاء للأمة، فالكل يفكر فى التخلص من الاستعمار الإنجليزى، فلا ولاء لملك ولا لوزير ولا لصاحب عمل، ولكن العامل كان يعمل لتتخلص مصر من الاستعمار الإنجليزى، والفلاح يزرع ليتخلص من الاستعمار الإنجليزى، وكذلك البك والباشا فكان الولاء للأمة وليس لأفراد .
والآن يوجد الاحتلال الإسرائيلي وعلى بعد 1 سم أو 0.5 سم وهو سمك السلك الشائك الذى بيننا وبينهم، ويوجد الاستعمار الأمريكي.
لقد بينت بعض الصحف أهداف أعدائنا : فلسطين هي الهدف التكتيكي، والسعودية هدف استراتيجي، والجائزة الكبرى هي مصر، وهذا يعنى أن مصر فى أذهانهم ، أي أنهم قادمون قادمون، وأخشى ما أخشاه أن تكون فلسطين هي الأولى، والعراق هي فلسطين الثانية، ومصر هي فلسطين الثالثة.
الإخوة العراقيون تركوا بلدهم وباعوها لليهود، ويأتون يشترون أراضى وأبنية في مصر وبأى ثمن، ونحن بعنا شركاتنا وكل ممتلكاتنا ولا نعلم أين ذهبت، ومن الذي اشتراها، ولكن نفس التكتيك الذى حدث فى فلسطين حدث فى العراق، ويحدث في مصر، ونحن بالضبط مثل الذبيحة التى تنتظر ذبحها، ولا يوجد تخطيط كيف نتقدم؟ ولا فكر كيف نخلص لبلدنا؟ ولا لأي شيء .
منذ فترة عملت جريدة الأهرام إحصائية بعدد الأثرياء فى مصر بداية ممن يمتلك حوالى مليار فما فوق فكانوا 100 ألف مصرى . وسألني سائل: هل تعلم من أين أتوا بهذه المليارات؟ قلت: لا، فقال: 50 % منهم من تجارة المخدرات، و49.999% من سرقة الدولة، يعنى يبقى 0.001 % أتوا بها من حلال ومن عرقهم، قال : نصف من جاءوا بها من حلال لا يصلون ولا يصومون ولا يعرفون ربنا ولكن شرفاء فى التجارة ، والنصف الباقى يصلى ويصوم ويعرف، نصفهم وهم حوالى 25 فردا يعطى حق ربنا من ماله ولكن ليس له دخل بالأمة ولا بمستقبل البلد وهو شريف ونظيف، والـ 25 الباقون هم الذين يهتمون بالأمة ويتمنون أن يروا مصر فى عظمة، ولكن ماذا يفعل 25 في سبعين مليونا .
الحقيقة الطرق الصوفية أيام الاستعمار الإنجليزى كان لها دور لأنهم كانوا يعبئون الناس ضد عدوهم وهو الاستعمار الإنجليزى، وأنا أتذكر أن هناك رجل اسمه ليبير لوجراند كتب كتاب عن حركة المكافحة ضد الاستعمار الإنجليزى فى مصر، وذكر بعض أسماء الطرق الصوفية الذين يدافعون ويحاربون الاستعمار الإنجليزى فى مصر.
الطرق الصوفية كان لها دور كبير جدا فى توحيد الأمة المصرية، وكان نشاطها نشاطا عظيما، لكنه بدأ يضعف تقريبا من الأربعينات، وكان قبل ذلك لا الإخوان المسلمون لهم صوت، ولا الوهابية لهم صوت، ولا أي أحد آخر له صوت، ومع ضعف النشاط الصوفي بدأت تظهر المشاكل الموجودة في المجتمع اليوم ، ونحن نريد أن يظهر النشاط الصوفى مرة أخرى لكى ينصلح حال هذه الأمة.
وسعيا لتحقيق ذلك فقد قمنا بعمل خمسة مؤتمرات: مؤتمر في كفر الشيخ كان فى حديقة صنعاء وحضره من الطرق الصوفية حوالى 2000 أو 3000 شخصا من مختلف الطرق الصوفية سادة أحمدية وسادة قادرية وسادة برهامية، وكان ذلك يوم السبت 3 نوفمبر2007، وفى 4 نوفمبر كان فى مدينة دسوق وكان السرادق ملىء من جميع أبناء الطرق الصوفية، حضره سماحة الشيخ حسن الشناوي، وفى هذه الجولة كان معنا السيد على السطوحي، والدكتور أحمد السايح، والسيد محمد الشرنوبى شيخ الطريقة الشرنوبية، والسيد بهاء العنانى شيخ الطريقة العنانية، وحضر المؤتمرالأول السيد محمد أبو المجد الشهاوي شيخ الطريقة البرهامية، وحضر مؤتمر الإسكندرية ودمنهور فضيلة الشيخ عبد الخالق الشبراوى، وفضيلة الشيخ سالم الجازولي، وفضيلة الشيخ مختار على محمد، وكان أثر هذه الندوات أو المؤتمرات كبير جدا، لدرجة أن أحد إخواننا في مدينة الحمام أبلغني أنه سمع أحد المتشددين يخطب ويقول إن الجماعة القبوريين -يقصد الصوفية- بدأوا ينشطون بنشاط مكثف فى كل البلاد فاحذروهم.
وكذلك المكالمات والخطابات التى وصلت إلينا لنعيد عمل هذه المؤتمرات في مراكز أخرى، فلم نستطع، ولكننا قررنا مع مشيخة عموم الطرق الصوفية عقد مؤتمر في قاعة المؤتمرات الكبرى فى مدينة نصر أمام جامعة الأزهر يوم السبت 5 يناير2008.
إن هَمَّنا إلى جانب الدين أن تتحول مصر إلى دولة منتجة ودولة علمية.
قلت مائة مرة وأقولها باستمرار إن من الممكن أن جزءا من زكاتنا يخصص لمراكز البحوث العلمية، فلو أن كل واحد دفع عُشْرَ زكاته لمركز من مراكز البحوث ونحن عندنا 20 مليار جنيه زكاة جمهورية مصر العربية، يعنى 2 مليار جنيه لو خصصت لمراكز البحوث العلمية، أعتقد سيظهرأنه في مصر ليس أقل من مائة مثل الدكتور أحمد زويل، وأحمد زويل وأبناؤنا بالخارج المعروفون سيتمنون -عند ذلك- الرجوع إلى مصر للمشاركة في هذه النهضة العظيمة.
أيام عبد الناصر قام بمشروع ضخم ولكن كان مشروعا فاشلا، وهو ترجمة الكتب العلمية والمراجع العلمية الموجودة فى العالم بقدر المستطاع، وترجموا كتب كثيرة جدا ولكن كان فاشلا لأن هذه الكتب لم يراجعها أحد، فكانت الترجمة حرفية، فهل ستصل المعلومة لذهن القارىء كما يجب أن تصل؟ لقد عاصرت هذه التجربة، حيث كان مقرر علىّ كتاب اسمه "الصخور النارية" ترجمة الدكتور العقاد.
العقاد درَّس لي في السنة الثانية الصخور النارية، وكذلك في السنة الرابعة كلية العلوم درس لى الصخور النارية في مصر، الصخور النارية فى مصر كان باللغة الإنجليزية وفهمناه وذاكرناه بالإنجليزية، أما الصخور النارية فى السنة الثانية علوم كنا نسأل زملاءنا هل تفهم شىء من هذا الكتاب؟ كأنك تقرأ باللغة العربية لغة هيروغليفية أو لغة ليست موجودة فى العالم كله، لأن العقاد أعطي الكتاب لمعيديه ليترجموه، ولكن لم يراجع المادة العلمية.
فضيلة الأستاذ مسعود حجازى يقول إن هناك مشروع ترجمة ألف كتاب يقودها واحد اسمه جابر عصفور وهو من المفسدين فى الأرض، وبالطبع لن يترجم كتابا علميا، ولكن ممكن كتاب جنسي، أو عن فنون المخدرات وكيف تشربها، وفنون الرقص.
ذات مرة اشتريت كتابا من الكتب التي كانت تصدر في مهرجان القراءة للجميع اسمه "علموا أولادكم الشعر" أنا شخصيا أحب الشعر وأحفظ منه قصائد كثيرة، فقرأته فوجدت الرجل قد جمع سواقط الشعر، أي أن أحمد شوقى مثلا يصف راقصة ترقص أمامه-يعنى شعر جنسي- فلما عمل أحمد شوقي ديوانا لم يضعها فيه لأن هذا عيب، ولكن فضيلة الشيخ أحمد عبد المعطى حجازى -وهو أيضا من المفسدين فى الأرض- أتى بسواقط الشعر السافلة لجميع الشعراء وجمعها وكتب: "علموا أولادكم الشعر" يصف فيه كأس خمر وغير ذلك.
هؤلاء مفسدون فى الأرض لا يريدون مصلحة بلد، ولا مصلحة أمة، ولكن يريدون أن تفسد الأمة لتكون ضعيفة ومنهارة بحيث عندما تكون فلسطين الثالة تكون سهلة على اليهود، فكما يفعل اليهود فى فلسطين، يُفعل فينا أيضا من اليهود والأمريكان.
هناك قصة أقولها باستمرار لنأخذ منها درسا وعبرة، هذه القصة ليست عن نبى ولا ولىّ، ولكن عن كسرى فارس، رأى رجلا ذات مرة يزرع نوى النخيل فوقف يضحك، لأن الرجل كان عمره 80 سنة وقال: هل ستعيش إلى أن تأكل من هذا النخل؟ فقال له الرجل : زرَعَ مَنْ قَبْلنَا فأكلْنَا، ونحن نزرع لمن سيأتون بعدنا.
إني أتمنى أن كل مصرى يقول: ماذا زرعتُ لأولادي ؟ أتمنى أن كل مسلم يقول: ماذا زرعتُ لأولادي ؟ أبى وأبوك زرعوا لنا وأكلنا، فماذا زرعنا نحن؟ الإجابة عند كل واحد فينا، المفروض يٍسأل نفسه هذا السؤال، فإذا لم يكن قد زرع فليبدأ، وليزرع.
القصة الثانية: أن كسرى كان عنده إمارتين، إمارة فقيرة وإمارة غنية، الإمارة الغنية فى شجار مستمر مع الإمارة الفقيرة، فجمع كسرى الأميرين اللذين على الإمارتين، وأتى بكلبين فأجاعهما لمدة ثلاثة أيام، ثم أتى بفخذٍ من لحمٍ رمى بها للكلبين، فبدأ الكلبان يأكلان من قطعة اللحم، ثم بدءا فى التشاجر على من يأكل أكثر من الآخر، ثم أظهر كسرى لهما ذئبا، فترك الكلبان قطعة اللحم، وتعاونا ليطردا الذئب من المكان.
فقال كسرى للأميرين: إنكما لم تبلغا مبلغ الكلبين، فالذئب الروماني يتربص بكم يفكر فى غزو فارس، وأنتم بدلا من أن تلتفتوا للذئب الروماني وتتحدوا لمواجهته تتشاجرون، وبسبب اختلافكم تمكنون عدوكم من القضاء عليكم.
وهذا هو حالنا للأسف، ما زلنا نفكر فى الأكل والشرب ولا نفكر فى الذئب الإسرائيلى ولا الذئب الأمريكي، والاثنان ليسا ببعيد، ولكنهما -للأسف- صارا معنا.
القصة الثالثة عن كسرى أيضا: جاءه رجل فقال له : لقد عرفتُ لعبة الحياة، فقال: كيف ؟ قال: الحياة عبارة عن حظ وكفاءة، قال: كيف ذلك ؟ فأراه الطاولة وقال له: هذا الظهر هو الحظ، والكفاءة في تحريك الطاولة بحيث تكسب أو تخسر، فأعطاه ألف دينار أو 10آلاف دينار.
وبعدها بحوالي سنة جاءه رجل آخر وقال له: لقد عرفتُ لعبة الحياة، قال له: كيف؟ قال له: الحياة فرص من ينتهزها يكسبها، ومن لم ينتهزها يخسرها، ثم أراه لعبة الشطرنج فسُرَّ كسرى باللعبة وقال له: اطلب ما تريد، فقال الرجل: أنا طلبي تافه جدا وبسيط جدا، قال: وما هو؟، قال: ضع في أول مربع من رقعة الشطرنج حبة قمح واحدة، وفى الرقعة الثانية حبتين، وفي الرقعة الثالثة 4، وفي الرابعة 16، ثم 32، ثم 64، وهكذا ، ولكن كسرى أدرك المسألة، فهذه متوالية، فقال للرجل بعد أن أجرى حسابا لتلك المسألة: هذا طلب غير سهل، قال: لماذا؟ فقال له كسرى: عندما تصل إلى الخانة الـ 19 لن تكون هناك حبة قمح فى المملكة ولا عند فلاح فارسي، وبالتالي تكون قد احتكرت القمح، ولكن خذ هذا المبلغ.
هذه القصة معناها: لو أننا جميعا بدأنا نفكر كيف نبنى مصر ونحن عددنا عشرة أفراد، وكل واحد بدأ يفكر بطريقته الخاصة كيف تُبنى مصر، كيف ينتهي الفساد الذي فيها، ويكون ولاؤك لبلدك ولأمتك، وليس لرئيسك فى العمل أو صاحب العمل، لو فكر كل منا وكلم أخاه وكلفه أن يفكر، ستجد أنها نفس المتوالية الهندسية، ليست مصر فقط فى 19 يوما، ولكن يمكن العالم الإسلامى كله سيعرف كيف يكون ولاء هؤلاء الناس لهذه الأمة، وكيف تنهض هذه الأمة.
إن الذئب الأمريكى والذئب الإسرائيلى على وشك الهجوم علينا، فهل نرضى لأنفسنا ألا نبلغ درجة كلاب كسرى التي تركت طعامها الذي كانت تتصارع عليه، وسارعت لتطرد العدو "الذئب" من حياتها؟!!.
هذا الكلام أقوله وأنا حزين، نحن اليوم نأكل ونشرب وننفق، ولكنا جميعا خائفون من الغد، وإذا كنا خائفين من الغد فماذا أعددنا لذلك الغد؟ لا شيء ، ونعلق خيبتنا على الحكومة، وعلى رئيس الوزراء، ومن الذي وعد؟ ومن الذي أخلف؟ ومن الذي يكذب؟ ولكن، سل نفسك: ماذا فعلت أنت؟ ولو صدقت في الإجابة لقلت: لا شيء.
إنني أدعو إلى وحدة إسلامية تجمعنا، ليست وحدة حكومات، وإنما وحدة شعوب، ولا بد أن نعي أن من يقول: هذا كافر وهذا كافر -لغيره من المسلمين- فهوالذي حكم على نفسه بالكفر لأنه يفرق بينى وبين أخي المسلم لنكون لقمة سائغة للذئب الأمريكي والذئب الإسرائيلي.
نريد وحدة تربطنا جميعا: السعودية ومصر وليبيا والجزائر وأندونيسيا وماليزيا وغيرها من شعوب الأمة الإسلامية، فلا بقاء لبقايا أمة هلهلتها مؤامرات أعدائها الخارجيين، وأعانهم من داخلها العملاء المكفِّرون والمفرِّقون والعلمانيون والمتخاذلون.
ونصرة الأمة قادمة تلوح في أفق قول الله تعالى: (فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم) فلْنَطْمَعْ في فضل الله تعالى أن نكون من هؤلاء، فنبدأ بما يجب علينا عقيدة حقة، وعبادة خالصة، ومعاملة حسنة، وأخلاقا فاضلة، قبل أن نطالِب بما لنا من حقوق، وَلْنَعِ قول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (كلُّ واحدٍ من المسلمين على ثغر من ثغور الإسلام فإنْ ترك المسلمون فاشدُدْ لئلا يُؤتَى الإسلامُ من قِبَلِك) ولْنَبْدَأ من الآن.
أقول هذا وحسبي الله ونعم الوكيل، نعم المولى ونعم النصير، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله علي سيدنا محمد وآله وسلم، وأعطنا الخير، وادفع عنا الشر، ونجنا واشفنا يا رب العالمين.