الأحوال :
هى نتائج الإرادات والهمم من قوى النفوس والحال هي الحجة القائمة على صدق الدعوة ، فمن ادعى محبة الله تعالى ولم يقم الحجة بقوله وعمله على تحقيق دعواه كان ضالا ومضلا . ولما كان طريقنا هو الطريق المستقيم الذى ينتج الأحوال العلية بالأعمال السنية ، وكان كثيرا من الأدعياء في طريقنا يتكلفون أحوال الرجال للطمع فيما لا مطمع فيه ، والحرص على ما يقطع عن الله تعالى ، بين الإمام أبو العزائم ما تظهر به آثار التوبة والاستقامة والمحبة ، وما تظهر به آثار خبث الطمع وسوء أعمال النفس الأمارة ، والجهل بالنفس ، وبالله تعالى ، وبمناهج الأئمة المهتدين .
تمييز الأحوال :
الأحوال إما ربانية ، أو طبيعية ، أو شيطانية .
1 - الحال الربانى :
إن الإنسان إذا كان صاحب صدق وورد عليه حال حق ، تشتغل الروح معه ، وتتحد بالجوارح ، وينحرف الطبع ، ويتغير المزاج ، ويعرق الجبين ، ويحمر الوجه ، وهنا يكون قد غمره النور ، وتوالت عليه الإلهامات من المعانى القرآنية ، وقام كأنه نشط من عقال ، وهى المحادثة ، ولأولياء الله تعالى فيها مشارب شتى .
2 - الحال الطبيعى :
هي أنه متى اشتد الحال على الإنسان ، وغاب عن الوجود الحِسَّى ، فإن حصَّل في تلك الغيبة علما يعقله هنا ويعقله إذا رجع إلى حسه ؛ ويعبر عنه بما أعطاه الله من العبارة ؛ فهو الحال الإلهى ، يملأ القلب سرورا عند الإفاقة .
فإن غلب ولم يجد شيئا ثم رد إلى حسه خلوا من ذلك ؛ فهو حال من المزاج ، لما حمى القلب بالذكر ، أو بالتخيل ، صعد منه البخار من التجويف الكبير إلى الدماغ ، فحجب العقل ومنع الروح الحيوانية من السريان ، ورمى بصاحبه كالمصروع ، فهذا حال صحيح ولكن من المزاج الطبيعى ، ليس له فائدة ، وكثيرا ما يرى شبحا ، أو سحابا ، أو بستانا ، أو برا ، أو بحرا ، وهو هذا البخار .
3- الحال الشيطانى :
فهى لكذاب ، وهو الذى يعقل أهل مجلسه في السماع أو في خلوة ، فهذا صاحب وسوسة وحديث نفس ، قد سخر منه الشيطان ، فكل ما يلقى إليه يتخيل أنها علوم وهى سموم ، فلا يعول على ما يخاطب به وإن صادف الصحة ، كما قال الفقهاء : من صلى جاهلا لم تصح صلاته وإن صادفت الصحة .
فكذلك عند الصوفية ، لا يعول أبدا على ما يخاطب به الجاهل ، فإنه لا يحسن أن يفرق بين الحق والباطل ، فكيف يعول على قوله ؟ وهذه الحالة شيطانية تنتج كل شر من قول وعمل .
وقد يوسوس إليه الشيطان في صدره بأقوال وعقائد وأعمال لا تنطبق على الشرع الشريف ، ولا تعاليم القرآن المجيد ، ليحكم أحكاما فاسدة ، ويخلط بين الأمر والإرادة ، والحق والخلق .
ومنهم من يضل فيرى بالحلول ، ويحكم بوحدة الوجود، لجهله بتصريف القدرة ووحدة الأفعال .
وقد يلتبس عليه مشهد التوحيد بالواحد ، فيلقى الشيطان في صدره أنه إذا نظر غيرا أشرك ، فيرى الناظر والمنظور ؛ والساجد والمسجود ؛ والذاكر والمذكور واحدا ، فهذا المشهد أفسد عقول أتباع المسيح من النصارى ، وما شابههم من أهل الزندقة الجهلاء بمراتب الوجود .
و للحديث بقية ان شاء الله تعالي