حقائق التوحيد
أولا : توحيد الله نفسه بنفسه
وهو التوحيد الذى لا يطيقه مخلوق مقهور ، وفى الأثر : ) كلكم حمقى فى ذات الله ( قال الصديق الأكبر :) العجز عن الإدراك إدارك) .
ثانيا : توحيد من اصطفاهم
توحيد الله الذى يتفضل الله به على من اصطفاهم من أولى العزم ، وعلى من اجتباهم من رسله وأنبيائه عليهم الصلاة والسلام ، ومن اختطفتهم يد العناية من ورثه رسول الله ، وأبدال الرسل عليهم الصلاة والسلام ، ممن أظهر أرواحهم بدءا على بديع جماله العلى ، وذكرهم فى الكون بألسنة الرسل والورثة بما أظهرهم عليه بدءا وأعانهم فقبلوا وأقبلوا ، قال تعالى : ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ﴾ ([1]) .
ثالثا : توحيد الخلق ربهم بالنظر و الاستدلال
ولكل حقيقة من تلك الحقائق شواهد قائمة ، ودلائل واضحة ، وطهور يدار على أهل الصفا من الأخيار ، فالتوحيد الذى وهبه الله لعباده مأخذه : ﴿ وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ﴾([2]) والتوحيد الذى يحصله الخلق ، مأخذه من قوله سبحانه : ﴿ قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ﴾ ([3]) .
الحادث والقديم :
إذا نظر القلب إلى الحادث الجديد صار محجوبا بعيدا ، قال تعالى : ﴿ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ ﴾([4]) وإنما الجديد ليشير للقلب إلى ما فيه من سر الحى القيوم ، ونور القادر الخلاق العليم ، فإذا تجرد القلب من نظره إلى الجديد ، أشرقت أنوار الآيات ، وصار للغيب شهيدا ، وإذا تجرد من شهوده ظهرت غرائب القدرة وعجائب الحكمة ، فجذبته إلى القادر الحكيم ، وأظهر الجديد كله ، ليعرف جل جلاله بقدرته الباهرة ، ويلحظ القلب أنواره الظاهرة ، فيشكره العبد ويذكره ولا يكفره ، ويطيعه ويعبده ولا يجحده ، ومن شغله الجديد الفانى عن القديم الباقى طال اغترابه ، ودام عذابه .
تعريف التوحيد :
هو تمييز الحادث من القديم ، حتى يذوق حلاوة التوحيد ، ومن حكم عليه خياله ووهمه ، نظر إلى المادة وأعراضها فنسي الله تعالى فأنساه الله نفسه ، قال تعالى : ﴿ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ ﴾([5]) ومن نسى نفسه بدءا ونهاية ، تمنى يوم القيامة أن يكون ترابا .
وللحديث بقية بإذن الله تعالى