هو أحد أفراد أئمة أهل البيت الطيبين الطاهرين عليهم السلام حسنى حسينى من جهة والده الإمام المجدد السيد محمد ماضى أبو العزائم .
مولد ونشأته :
هو الابن الأكبر للإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم ، ولد يوم الخميس 23 جمادى الآخرة سنة 1312هـ الموافق 20 ديسمبر 1894م ، ونشأ في رعاية والده التامة ، وتلقى دراسته الابتدائية فى المدارس التى كان والده يقوم بالتدريس فيها أثناء توظفه بمصر، واستكمل دراسته بكلية غوردون بالسودان شعبة الآداب ، حيث كان والده أستاذا للشريعة الإسلامية بها .
نشاطاته الفكرية :
أسس الإمام السيد أحمد في شبابه دار المدينة المنورة للطباعة والنشر ، فقد رأى أن أكبر مهمة يقوم بها هي تقديم التراث العلمي لوالده الإمام المجدد لتنتفع به الأمة ، في ظل الظروف الصعبة التي كانت تمر بها مصر والعالم الإسلامي آنذاك ، كما رأس تحرير المجلات التي كانت تصدر عن الدار وهي: مجلة "السعادة الأبدية" من عام 1903م حتى 1915م ، ثم مجلة "الفاتح" منذ عام 1915 حتى 1920م ، ثم مجلة "المدينة المنورة" التي أسسها عام 1920م واستمرت لحين انتقال الإمام أبي العزائم عام 1937م .
ونظرا لأن المنشورات السرية للثوار ـ التى كانت تحرض المصريين ضد الإنجليز ـ كانت تطبع في مطبعة "المدينة المنورة" التي يملكها السيد أحمد ، ونظرا للدور الجهادي للإمام أبي العزائم في ثورة 1919 م ، فقد اعتقله الإنجليز مع والده الإمام أكثر من مرة وأُودع معه فى السجن .
منزلته وخلافته :
كان للسيد أحمد منزلة خاصة عند والده الإمام المجدِّد ، ولذلك عني بتربيته التربية الإيمانية والأخلاقية المثالية التي تؤهله لحمل مسئولية الدعوة من بعده، وقد أظهر هذه المحبة والعناية فى كثير من المواقف والعبارات قائلا له : " ولدي أحمد ؛ حبك حبى ، وبغضك بغضى ، وسلمك سلمى ، وحربك حربى ، والله يا بنيّ لا يحبك إلا كل مؤمن ، ولا يبغضك إلا كل منافق ، اللهم والِ من والاك وعادِ من عاداك " ، وقال موضحا لأبناء الطريق قدره ومنزلته :"إن أحمد لحمه من لحمي ، ودمه من دمي، استخلفته عليكم وجعلته المبلِّغ عني ، وبابا لفيض السر ، مَن والاه فقد والاني ، ومن خالفه فقد خالفني ".
ونظرا لهذه المكانة الكبرى والمنزلة الرفيعة ، استخلفه الإمام من بعده قائلا له : "جعل الله الخلافة عني في عقبك " ، وقرأ قول الله تعالى : (وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِه) "الزخرف:38" وعقب انتقال الإمام مباشرة بويع السيد أحمد شيخا للطريق خليفة عن والده ، فكان الخليفة الأول في دعوة الإمام أبي العزائم .
جهاده في الدعوة ونصرة الأمة :
انفرد السيد أحمد بحق نشر مؤلفات والده الإمام المجدد ، فقام بذلك خير قيام ، وكان لهذا الدور أهمية كبرى في حياته ، وقد استقبَل بدار آل العزائم زعماء المسلمين وعلماءهم الوافدين من مختلف الأقطار ، وكبار المسئولين في الدول الإسلامية ورؤساء الهيئات الإسلامية والدبلوماسية ، للنظر في المشكلات التي تواجه المسلمين والعمل على حلها، والدعوة إلى الأخوة في الله والمحبة في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وحين استقبل أحمد باشا حلمى والمجاهد الفلسطينى أمين الحسيني مفتي فلسطين دعاهما إلى إعلان قيام حكومة فلسطين ، كذلك كان للسيد أحمد دوره في استقبال ودعم مجاهدي باكستان وقادتها، حتي أُعلنت دولة باكستان الإسلامية .
آراءه العلمية والسياسية :
لا عجب أن يكون السيد أحمد عالما ومفكرا ، فقد تربى في بيت الإمامة والوراثة المحمدية ، ولذلك نجد تلك النُّورانية في كلامه عن الحقيقة المحمدية ، حين يشرح معنى أن يرُدَّ النبىُّ صلى الله عليه وآله وسلم السلام على مَن يسلِّم عليه في كل نفَس ، وكيف يناجي الزائرُ للروضة المحمدية سيدَنا رسولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم فيسمع كلامه ، ثم يشرح العلاج الناجع لمرض التفرقة الذى أضعف الأمة ومكّن منها أعداءها ، ويعتبر أن هزيمة مصر أمام إسرائيل في يونيو 67 ما هي إلا سحابة صيف لا تلبث أن تنقشع ؛ إذا عولجت أسبابها فى ضوء أصول الإسلام ، وقد تحققت نبوءته بنصر العاشر من رمضان، وانتصرت مصر على جيش إسرائيل الذي لا يقهر .
انتقاله :
لقد جاهد السيد أحمد جهادا شاقا ومريرا ، وقد كان أصبر الناس على البلاء وأرضاهم بالقضاء ، حتى لُقِّب بالإمام الممتحن لكثرة الابتلاءات وطول الصبر وسكينة الرضا ، ولكن هذا الجهاد أثر على صحته فمرض مرضا شديدا ، وفي اليوم العشرين من شهر ربيع الأول سنة 1390 هجرية الموافق 1970 م ، طلب أن يسمع القرآن فلما وصل القارئ إلى قوله تعالى : (لَهُمْ دَارُ السَّلاَمِ عِندَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) "الأنعام:127" سكن لسانه إلا عن شهادة التوحيد ، وفاضت رُوحه الطاهرة ونفسه الزكية إلى بارئها .
فسلام على الإمام السيد أحمد ماضى أبو العزائم ، وجزاه خيرا عن الإسلام والمسلمين .