وبين الإمام فى كلمة فاتحة لدستور فقراء [1] آل العزائم بين فيه أصول الطريق مجملة، فقال [2] :
أبين أساس طريقى هذا الذى كان عليه أئمة الصحابة والتابعين رضى الله عنهم، وأساسه الأول المحبة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم وفيهما، ثم الإيثار فالغيرة لله ولرسوله فالمجاهدة فى سبيل الله.
يتعين على فقراء هذا الطريق أن يكون كل رجل منهم متعلماً ممن فوقه فى العلم، ومعلماً لغيرة، فإن من فهم مسألة من العلم صار عالماً بها. والمتعين على كل رجل:
(1) ان يبدأ بنفسه حتى تسلم تسليماًً حقاً لله تعالى فى حكمه الشرعى وحكمه القدرى.
(2) أن يدعوا والديه وأهله وأولاده بالحكمة والموعظة الحسنة، فإن ذلك واجب عليه كما يجب عليه السعى فى معاشهم.
(3) أن يدعوا جيرانه وعشراءه إلى الحق بالحكمة واللين، والدعوة بالعمل فوق الدعوة بالقول.
(4) يجب أن يحرص على صحة الإخوان الروحانية بالتواضع وحفظ غيبتهم وستر عوراتهم وإيثارهم على نفسه، حتى يكون جسد فقراء آل العزائم صحيحاً سالماً من الأمراض.
(5) يجب على كل طالب لله فى طريقنا أن ينافس فى تحصيل العلم فى أعمال يعملها فى خلوته من صلاة بالليل وصيام وتلاوة للقرآن وصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم.
(6) يتعين على آل العزائم من الأفراد أن يكون لكل فرد منهم سياحة روحانية يفتتحها:
أ- بالفكر فى ألاء الله.
ب- فى حكمة الأحكام الشرعية أو القدرية.
ج- باستحضار رابطة المرشد.
حتى يحصل له التجريد وترد عليه الواردات الرحمانية أو يقتبس قبساً من نور المشكاة المحمدى.
(7) ليعلم كل راغب فى رضوان الله ومبتغ فضله ورضوانه أن اكمل علامة لقبول الله تعالى وإقباله سبحانه: هى ما يجمل الله به المريد من الأخلاق الروحانية والأعمال السنية والصفات الملكوتية حتى يكون المريد صورة كاملة للمرشد الدال على الله تعالى، وقد بينت تفصيل هذا المجمل فى مؤلفات طبعت وأخرى تطبع إن شاء الله.
وهذا وإنى موقن أن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء، ومطمئن القلب أن الله سبحانه يهب لهذه الأمة قسطاً عظيماً مما وهبه لأولها معجزة لرسول الله، ونحن فى زمان اشتاق إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (واشوقاه لإخوانى الذين لما يأتوا بعد..) فى الحديث الطويل الذى رواه مالك بن أنس فى الموطأ.
[1] الفقير: جوال الفكر، جوهرى الذكر، جميل المنازعة، قريب المراجعة، لا يطلب من الحق إلا للحق، ولا يتمذهب إلا بالصدق، وهو أوسع الناس صدراً، وأذل الناس نفساً، ضحكه تبسم، واستفهامه تعلم، مذكر للغافل، معلم للجاهل، لا يؤذى من يؤذيه، ولا يخوض فيما لايعنيه، كثير العطاء، قليل الأذى، ورع عن المحرمات، متوقف عن الشبهات،غوث للغريب، أب لليتيم، قلبه مشغول بفكره، مسرور بفقره، لا يكشف سراً، ولا يهتك ستراً، حليم إذا جهل عليه، صبور على من أساء إليه، حركاته أدب، وكلامه عجب، وقور، وصبور، رضى، شكور، قليل الكلام، كثير الصلاة والصيام، له لسان محزون، وقول موزون، وفكر يجول فيما كان ويكون.
[2] مجلة السعادة الأبدية: السنة8 العدد 7 ص214 (25شوال 1339هـ)