الآية الكريمة تبين حال الناس يوم القيامة، وابيضاض الوجوه: إشراقها بالنعيم، واسودادها: هو ما يرهقها من العذاب الأليم. ونسأل سؤالين:
1- كيف تبيضّ الوجوه أو تسودّ ؟.
2- لماذا بدأ الله تعالى بذكر بياض الوجوه وختم ببياضها؟.
يجيب الإمام أبو العزائم عن ذلك في تفسيره (أسرار القرءان) بقوله:
لما كان الهم حبس القلب، وكان القلب إذا نزلت بالإنسان مصيبة يحبس بها فيختلط دم الوريد الأسود بدم الشريان الأبيض فتسودّ البشرة، فيرى السواد في وجه الإنسان عند همه، وإذا بشّر بخير عظيم انبسط القلب، وظهر البياض واللمعان في وجه الإنسان، وأعظم الهموم هم يوم القيامة، خصوصا إذا كُب الكافر على وجهه في النار، فإن وجهه – أعاذنا الله منه – يعلوه السواد الفحمي.
وإذا أكرم المؤمن بالدخول في الجنة انبسط من الفرح، وعلاه نورُ الجنة فابيضَّ وجهُه، أخبرنا الله تعالى بذلك بشرى للمؤمن، وإزعاجا للكافر ليرجع إلى الله تعالى ويقبل على الإسلام .
ولك أن تقول: إنه مجاز عن سوء عاقبة الكافر، وفوز المؤمن، وهو سياق عربي.
وكثيرا ما نسمع الناس تقول: فلان ابيضّ وجهه؛ إذا ظفر بحاجته أو دفع عنه سوء، ويقولون: فلان اسودّ وجهه؛ إذا أصابته مصيبة لا قبل له بها، نعوذ بالله من سوء القضاء وقضاء السوء.
ولما كانت رحمةُ الله تعالى وسعت كل شيء، وقد سبقت غضبَه؛ افتتح الآية ببياض الوجه فقال: (يوم تبيضّ وجوه) وجعل سواد الوجه في وسط الجملة؛ وبياضه في أولها وآخرها؛ ليُطَمْئِنَ قلوبَ المؤمنين ويفرحهم بالآية.
ويقول الإمام في حكمة له: "بَيّضَ الأسودَ وهو شعر الرأس واللحية إكراما لك، فلا تُسَوِّدْ له الأبيضَ وهو القلب إجلالاً له".
جعلنا الله تعالى ممن بيّض قلوبهم بالعقيدة الحقة؛ والعبادة الخالصة؛ والمعاملة الحسنة؛ والأخلاق الفاضلة؛ والطاعة؛ والتوبة؛ والتقوى؛ والمحبة؛ وحسن النية؛ وإخلاص الطوية.