لقد صنَّف فى مولد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كبار علماء الأمة كتبا كثيرة، وظهرت لهم موالد مشهورة معروفة، منها المنظوم والمنثور .
كما كانت تتردد في ليلة مولد سيدنا رسول الله-صلى الله عليه وآله وسلم- قصص قديمة، فيها كثير من الأساطير التي لا تتفق مع حقائق السيرة النبوية الصحيحة، فأملى الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم قصة المولد في هذا الثوب الجديد واختار لها هذا الاسم " بشائر الأخيار في مولد المختار".
فجاءت هذه القصة، علاجا لما كنا نشكو منه مر الشكوى من الخرافات التي أضيفت إلى حقائق السيرة، التي كانت تتردد بمناسبة إحياء مولد الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم-
ومولد سيدنا رسول الله ﴿صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ﴾ يرسم لنا الخط الفاصل بين مرحلتين من تاريخ البشرية، مرحلة الجاهلية والظلم والتخلف والطغيان، ومرحلة الهدى والعدل والحضارة الإنسانية السامية .
لذلك فقد تعالى صوت المستضعفين، ومدت الموءودة يدها، وتهامست القلوب المعذبة، ودارت العيون الحيرى، تبحث عن المنقذ والهادى، تبحث عن الأمل الموعود، عن النبى المنتظر، دعوة إبراهيم، ونبوءة موسى، وترنيمة داود، وبشارة عيسى . والكل يتساءل !!
متى تستجاب الدعوة ؟
ومتى تتحقق النبوءة ؟
ومتى تسمع الترنيمة ؟
ومتى تأتى البشارة ؟
وشاء الله أن يولد النور فى رحاب مكة، ويشع الوحى فى سمائها، ويعلو صوت التوحيد فى الحرم الأمين، حرم إبراهيم وإسماعيل .
وفى هذا الكتاب يقدم الإمام أبو العزائم مولد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في عبير الجو النوراني الذي يعطر الحياة بأنفاس شهر ربيع الأول، شهر مولد النور، ومبعث الرحمة، ورسول الهدى، الذي ولد على قدر وميقات، لتبلغ به -صلى الله عليه وآله وسلم- الإنسانية كمالها، وتطلق العقول من أغلاها، وترتفع إلي ربها بالمحبة .
وكتاب "بشائر الأخيار في مولد المختار" -صلى الله عليه وآله وسلم- يتضمن أبوابا ستة :
الباب الأول : يوضح فيه الإمام أبو العزائم نسبه الشريف - صلى الله عليه وآله وسلم-، وأنه ولد من الأصلاب الطيبة والأرحام الطاهرة مصفى، لا تتشعب شعبتان إلا كان -صلى الله عليه وآله وسلم- في خيرها .
الباب الثاني : فيبين فيه مولده الشريف، ذلك اليوم المشهود يوم الحق والخلود، يوم أن أشرقت الأرض بنور ربها، فبرز إلى الوجود صفوة خلق الله أجمعين وسيد الأنبياء وإمام المرسلين.
وفي الباب الثالث : دراسة مقارنة بينه -صلى الله عليه وآله وسلم- وبين سيدنا موسى من جانب ، وبينه وبين سائر الأنبياء الكرام من جانب آخر، ليتضح للقاريء المسلم أنه جاء صلوات الله وسلامه عليه جامعا لخصائص الأنبياء كافة، ثم ظفر فوق ذلك بالمقام المحمود الذي لا ينبغي لأحد سواه .
وفي الباب الرابع : يدور البحث حول أن الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- رحمة الله المهداة، ونعمته المسداه، ليصنع منا خير أمة أخرجت للناس.
وفي الباب الخامس : يعني الإمام بموضوع حكم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف من الوجهة الشرعية.
وفي الباب السادس : فيض من القصائد المحمدية للإمام أبي العزائم .
يقول الإمام أبو العزائم : (وإِنِّى أَستَحسِنُ كُلَّ ٱلاسْتِحْسَانِ، مَا يَقُومُ بِهِ ٱلمُسْلِمُونَ مِنْ إِحْيَاءِ لَيَالِى ٱلْمَوْلِدِ فِى هَذَا ٱلزَّمَانِ، تجْدِيدًا لِذِكْرَى مَن بِهِ أَسْعَدَنَا ٱللَّهُ بِالإيمَانِ، وَإِنْ ٱدْعَى مَنْ يُنكِرُ عَلَيْنَا بِحُصُولِ ٱلمَفَاسِدِ وَٱلْبِدَعِ، فَإِنَّ ٱلْخَيرَ ٱلْعَامَّ ٱلَّذِى بِهِ كُلَّ إِنْسَانٍ ٱنْتَفَعَ، لاَ يَمنَعُ بِحُصُولٍ مُفسِدَةٍ بِسَبِبِهِ إِذَا عَمَّ ٱلنَّفْعَ بِهِ وَسَطَعَ، وَلَوْ كَانَ ٱلأَمْرُ كَذَلكَ لَكَانَتْ بَعْثَةُ ٱلرُّسْلِ وَشُرُوقِ ٱلشَّمْسِ وَإِنْزَالُ ٱلأَمْطَارِ أَولَى بِالْمَنْعِ مِمَّن مَنَعَ، فَلْيَتَّقِ ٱللَّهَ مَنْ يَمنَعُونَ هَذَا ٱلْخَيْرِ فَإِنْ مَنَعَهُمْ هُوَ شَرُّ ٱلْبِدَعِ، وَٱللَّهُ تَعَالَى يَهْدِى مَنْ سَبَقَ لَهُ ٱلْهُدَى، وَيُضِلَّ مَنْ سَبَقَ لَهُ ٱلرَّدَى، وَإِنَّ فُقَرَاءِ آلِ ٱلعَزَائِمِ يَفرَحُونَ بِرَسُولِ ٱللَّهِ، وَيَشْهَدُونَ أَنوَارَهُ عِنْدَ ذِكْرَاهُ .
ٱللَّهُمَّ إِنَّا نَسأَلُكَ بِحَبِيبِكَ ٱلْمُصْطَفَى، أَنْ تُورِدَنَا مَوَارِدَ أَهْلِ ٱلصَّفَا، وَأَن تُعِينَنَا يَا رَبَّنَا عَلَى ٱلْقِيَامِ لَهُ ﴿ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ﴾ بِالْوَفَا، وَأَنْ تَجعَلَنَا مِمَّنْ يَفْرَحُ بِذِكْرَاهُ، وَمِمَّنْ نَصَرَ وَوَلاَهُ، وَأَنْ تُحْيِى قُلُوبَنَا بِإِحْيَاءِ لَيَالِى مَوْلِدُ حَبِيبِكُ ٱلشَّفِيعِ ٱلأَعظَم، وَتْعِينَنَا عَلَى شُكْرِكَ سُبحَانَكَ بِمَا تَفَضَّلَتْ بِهِ عَلَيْنَا بِوَسِيلَتِنَا ٱلعُظْمَى وَحَبِيبَنَا ٱلنَّبِىِّ ٱلأَكرَمِ، وَنَتَوَجَّهُ يَا إِلَهِى إِلَيكَ، بِحُبِّكَ ﴿صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ﴾ وَجَاهَهُ لَدَيكَ، أَنْ تَجْعَلَنَا أَنصَارًا لِحَضْرَتِهِ ٱلْمُحَمَّدِيَّةِ، عُمَّالاً بِسُنَّتِهِ ٱلنَّبَوِيَّةِ، مُجَدِّدِينَ يَا إِلَهِى لآثَارِهِ، فَائِزِينَ فِى ٱلدّنْيَا وَٱلآخِرَةِ بِأَنْوَارِهِ، وَأَن تُمَكِّنْ لَنَا بِاْلَحَقِّ فِى ٱلأَرْضِ، مَعَ ٱلْمُحَافَظَةِ عَلَى ٱلسُّنَّةِ وَٱلْفَرْضِ، وَٱلْقِيَامِ لَكَ سُبْحَانَكَ بِكَ بِمَا تُحِبُّهُ وَتَرْضَاهُ، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ .
ٱللَّهُمَّ تَنَزَّلْ بِإِحْسَانِكَ وَعَفْوِكَ وَحَنَانَكَ لِكُلِّ مَنْ أَعَانَ، عَلَى تِلاَوَةِ هَذَا ٱلْمَوْلِدِ ٱلشَّرِيفِ وَٱجْعَلْهُ يَا إِلَهِى فِى حُصُونِ ٱلأَمَانِ، وَتَفَضَّلْ يَا إِلَهِى عَلَى ٱلسَّامِعِينَ بِالتَّوْفِيقِ لِلتَّشَبُّهِ بِشَمَائِلِ حبِيبِكَ وَمُصطَفَاكَ، وَأَجْزِلْ يَا إِلَهِى سَوَابِغَ آلاَئِكَ وَنُعْمَاكَ، لَنَا وَلَهُمْ وَٱمْنَحِ ٱلشِّفَاءَ وَٱلعَافِيَةَ، وَيَسِّرْ لَنَا يَا إِلَهِى مِنَ ٱلْخَيْرِ ٱلْقُصُودُ ٱلدَّاعِيَةِ . وَٱدْفَعْ عَنَّا يَا إِلَهِى ٱلْمَصَائِبَ وَٱلْبَلاَيَا، وَفَرِّحْنَا يَا إِلَهِى بِتَوَالِى ٱلخَيْرِ وَٱلْعَطَايَا وَأَصْلِحْ بَيْنَنَا، وَهَبْ لَنَا ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ مُجِيبَ ٱلدُّعَاءِ، وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ، وَأَلْحِقْنَا بِالصَّالِحِينَ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَىءٍ قَدِيرٍ . وَٱحْفَظْ يَا إِلَهِى فُقَرَاءَ آلَ ٱلعَزَائِمِ مِنَ ٱلْفِتَنِ وَٱلْمِحَنِ، وَهَبْ لَنَا جمِيعًا ٱلْمِنَحِ وَٱلْمنَنِ، وَأَهْلِكَ يَا إِلَهِى أَعْدَاءَكَ وَأَعْدَاءَنَا، وَأَعَدَّهُمْ عَبِيدًا لَنَا، أَذِلاَّءَ كَمَا كَانُوا، وَٱجْعَلِ ٱلْعَمَلَ بِالسُّنَةِ وَٱلْقُرْآنِ، فِى كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ، وَأَيَّدَ جَمَاعَةَ ٱلمُسْلِمِينَ، بِرُوحَانِيَّةٍ سَيِّدِ ٱلمُرْسَلِينَ، وَكُنْ لَنَا وَمَعَنَا كَمَا كُنْتَ لِسَلَفِنَا ٱلصَّالِحِ يَا رَبَّ ٱلْعَالَمِينَ وَصَلَّى ٱللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحبِهِ أَجْمَعِينَ .