صلاة كسوف الشمس:
يقول الإمام المجدد السيد محمد ماضى أبو العزائم: (إذا كسفت الشمس أو بعضها يسن صلاة ركعتين فى جماعة، كل ركعة بركوعين يطيل القراءة والركوع بقدرها، ثم بعد أن يركع الركعتين يسجد سجدتين طويلتين كالركوع، ثم يقوم للركعة الثانية، فيركع ركعتين كالأولى، ثم يسجد سجدتين، ثم يخطب بعد السلام يفهم الناس فيها تلك الآية وقدرة الله والخوف من عقوبته)[أصول الوصول لمعية الرسول - للإمام أبى العزائم] .
ولتفصيل ذلك وضح الأستاذ الدكتور شوقى علام - مفتى الديار المصرية ما يتعلق بالكسوف والخسوف وبيان أحكامهما على النحو التالى:
الكسوف لغة -كما جاء في "المجموع شرح المهذب" (5/ 37، ط. مطبعة المنيرية)-: [يقال: كَسَفت الشمس وكَسَف القمر -بفتح الكاف والسين وكُسِفا- بضم الكاف وكسر السين، وانكسفا وخَسَفا، وخُسِفَا وانخسفا، فهذه ست لغات في الشمس والقمر، ويقال: كَسَفت الشمس وخَسَف القمر، وقيل: الكسوف أوله والخسوف آخره فيهما، فهذه ثمان لغات، وقد جاءت اللغات الست في الصحيحين والأصح المشهور في كتب اللغة: أنهما مستعملان فيهما، والأشهر في ألسنة الفقهاء تخصيص الكسوف بالشمس والخسوف بالقمر، وادَّعى الجوهري في الصحاح أنه أفصح] اهـ.
بيان حكم الجماعة فى صلاة الخسوف والكسوف والدليل عليها :
يسن الجماعة في الخسوف والكسوف، لما ورد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال في الحديث المتفق عليه من حديث عائشة رضي الله عنها: «إنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَصَلُّوا»، فأمر بالصلاة لهما أمرًا واحدًا، وعن ابن عباس، أنه صلى بأهل البصرة في خسوف القمر ركعتين، وقال: "إنما صليت لأني رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي"، ولأنه أحد الكسوفين، فأشبه كسوف الشمس، ويسن فعلها جماعة وفرادى. ينظر: "المغني" لابن قدامة (2/ 142، ط. دار إحياء التراث العربي).
بيان اختصاص مشروعية الأذان والإقامة بالصلوات المفروضة :
الأذان مشروع للصلوات المفروضة فقط بغير خلاف للإعلام بوقتها؛ لأنها مخصصة بوقت، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الذي يرويه البخاري ومسلم عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه: «إِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ»، فخصَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم الأذان بحضور الصلاة المكتوبة، ولا يؤذن لصلاة الجنازة ولا للنوافل، ومما ورد في ذلك ما في مسلم عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: "صليت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم العيد غير مرة، ولا مرتين بغير أذان ولا إقامة".
قال الإمام النووي في "المجموع" (3/ 83، ط. مطبعة المنيرية): [فالأذان والإقامة مشروعان للصلوات الخمس بالنصوص الصحيحة والإجماع، ولا يشرع الأذان ولا الإقامة لغير الخمس بلا خلاف؛ سواء كانت منذورة أو جنازة أو سنة، وسواء سن لها الجماعة كالعيدين والكسوفين والاستسقاء أم لا كالضحى] اهـ.
بيان كيفية النداء لصلاة الكسوف والخسوف:
أما صلاة الكسوف والخسوف: فإنه ينادى لها بـ"الصلاة جامعة"؛ لما جاء في "الصحيحين" من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: "لما كَسَفَتِ الشمس على عهد رسولِ الله صلى الله عليه وآله وسلم، نُودِيَ: إِن الصلاةَ جامعة"، قال الإمام الشافعي في "الأم" (1/ 269، ط. دار المعرفة): [وأحب أن يأمر الإمام المؤذن أن يقول في الأعياد، وما جمع الناس من الصلاة: الصلاة جامعة] اهـ.
وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري الشافعي في "أسنى المطالب شرح روض الطالب" (1/ 126، ط. دار الكتاب الإسلامي): [وينادى لجماعة صلاة العيدين والكسوفين (الصلاة جامعة)؛ لوروده في "الصحيحين" في كسوف الشمس، وقيس به الباقي] اهـ.
وقال العلامة المرداوي الحنبلي في "الإنصاف" (1/ 428، ط. دار إحياء التراث العربي): [الرابعة: الصحيح من المذهب أنه ينادي للكسوف بقوله: الصلاة جامعة] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة في "المغني" (2/ 142، ط. دار إحياء التراث العربي): [يسن أن ينادى للكسوف: الصلاة جامعة؛ لما روي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: "لَمَّا كَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم نُودِيَ: إِنَّ الصَّلاَةَ جَامِعَةٌ". متفق عليه، ولا يسن لها أذان ولا إقامة؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلاها بغير أذان ولا إقامة، ولأنها من غير الصلوات الخمس، فأشبهت سائر النوافل] اهـ.
قال العلامة البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع عن متن الإقناع" (1/ 233، ط. دار الكتب العلمية): [وينادى لعيد وكسوف واستسقاء: (الصلاة جامعة)، قال في الفروع: وينادى لكسوف؛ لأنه في "الصحيحين"] اهـ.
الخلاصة :
بناءً عليه : فإن صلاتي الكسوف والخسوف يُصَلَّيَان جماعةً، وينادى لهما بـ"الصلاة جامعة"، ولا ينادى لها بالأذان؛ فإن الأذان للصلوات المكتوبة فقط.
والله سبحانه وتعالى أعلم.