حديث شريف

15/07/2021
شارك المقالة:

حلاوة الإيمان:

إنما يدرك الحلاوة من كان له طبعا مستقيما وذوقا سليما يميز بين الطعوم المختلفة المذاق . ولذلك امتن الله على عباده بنعمة الذوق الذى يميز به بين الطيب والخبيث ، فإذا حرم الإنسان الذوق السليم فسد طبعه وصار الحلو فى حلقه مرا ، والطيب خبيث ، فقد قال الله تعالى :" أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ * وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ " (سورة البلد : 8، 9 ، 10 ) . فاللسان آلة الذوق والكلام . والذوق ذوقان : ذوق حسى وذوق معنوى . فالذوق الحسى بفساده يفسد البدن ويصبه العطب ، لأنه قد يتناول شرابا أو طعاما نتنا أو فاسدا يؤدى إلى مرض الجسد ويكون عاملا على هلاكه وفنائه . وإنا لنجد فى عالم الحيوان من يتناول ما يصلحه ويأنف بطبعه مما لا يتوائم مع طبيعته ، فالأسد لا يأكل الجيفة بل يأكل اللحم الطازج ، وبعض الحيوانات تأكل العشب ولا تأكل اللحم  ، ولم تجد حيوانا يترك الطيب من الطعام ويأكل كل مستقذر ونجس إلا الخنزير ، فلا يقع الخنزير إلا على أكل الجيف والنجاسات ويأكلها بنهم شديد . فهذا الكائن العجيب يقبل إقبالا شديدا على النفايات والقاذورات بكل أنواعها ، فلا ينبت جسده إلا على المادة التى غذى منها فيكون لحمه خبيثا يصيب أكله بأمراض عديدة ، وهذا الحيوان يتميز بالديائة ، فلا يغار على أنثاه إذا واقعها غيره أمامه على مسمع ومرأى منه ولذلك نجد أن الله قد مسخ صور من كفروا من بنى إسرائيل على أبشع الصور فقال تعالى : " قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللّهِ مَن لَّعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَـئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَاء السَّبِيلِ " (سورة المائدة : 60) .

هكذا كانت تمسخ الأبدان على أقذر الهيئات بما خالفت منهج رب الأرض والسموات ، ثم تداركت رحمة الله أمة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم برفع ذلك المسخ وأبقى مسخا آخر هو مسخ القلوب ، بما اقترفت من كبائر الذنوب . فهناك من تجده يأكل المال من حله وحرامه ، من ربا ورشوى ومعاملات محرمة وأكل السحت والحرام والكسب الخبيث فتجده على صورة إنسان وقلبه قلب خنزير لأنه شابهه فى أكل الخبيث . تجد الرجل يرى المرأة المتبرجة فيقتحمها بعينه ، وفى كل نظرة تكتب له زنية وإن أمكنته فرصة اغتصبها ، فهذا صورته صورة إنسان وقلبه قلب كلب فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ، ولك أن تقيس على ذلك . تمسخ القلوب - كل قلب بما شابهه وشاكله يكون على صورته - ولذلك نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يتشبه المصلى فى صلاته بأى صورة من صور الحيونات العجموات لأنه فى محل المناجاة ومعدن المصافاة ، يجانس الملائكة وعالم الطهر الأقدس ، وربه فى قيلته . فنهى أن يبسط المصلى فى سجوده يده بسط الكلب ، أو يجلس فى تشهده مقعيا إقعاء الذئب ، فعن أبى هريرة رضى الله عنه قال :" أوصانى خليلى صلى الله عليه وسلم وسلم بثلاث ، ونهانى عن ثلاث : نهانى عن نقرة الديك ، وإقعاء كإقعاء الكلب ، والتفات كالتفات الثعلب " رواه أحمد وأبو يعلى وإسناد أحمد حسن ورواه أبو شيبة . وقال : كإقعاء القرد مكان الكلب ، وفى رواية أخرى نقرة الغراب .

وعن أبى هريرة رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم قال : " أما يخشى أحدكم إذا رفع رأسه من ركوع أو سجود قبل الإمام أن يجعل رأسه رأس حمار ، أو  يجعل صورته صورة حمار " رواه البخارى ومسلم وأبو داوود والترمذى والنسائى وابن ماجة ورواه الطبرانى فى الأوسط بإسناد جيد ولفظه قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " ما يؤمن أحدكم إذا رفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس كلب "

فالذوق بالمحسوسات آلته اللسان ، وذوق المعنويات وهو غرضنا هنا يكون بالقلب. فالذوق السليم لا يشعر به إلا من كان له قلب سليم يستشعر به ذوق المعانى الإيمانية ، وهناك تشابه بين الذوق الحسى والذوق المعنوى الذى هو مناطه القلوب ، فإذا اعترى الإنسان مرض فسد تميزه للمذاقات كذلك القلب إذا أصيب بمرض أو أدنى وإن تغير القلب وفسد الذوق الإيمانى ، فلا يشعر بحلاوة الذكر وحلاوة الإيمان وحلاوة القرءان ولذة المناجاة . فتكون القلوب على ثلاثة أنواع : قلب حى سليم ، وقلب مريض ، وقلب ميت .

وللحديث بقية إن شاء الله

قصة حياة السيد المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام [1]

إن الله تعالى خلق سيدنا آدم عليه السلام من غير أب وأم وخلق السيدة حواء من غير أم وخلق سائر المخلوقات من أب وأم ، فأراد الله أن يكمل العناصر أربعة فخلق سيدنا عيسى عليه السلام من غير أب فكانت هذه قدرة الله سبحانه وتعالى وبديع حكمته.